مختارات من إصدارات عبد القادر شاوي
مختارات من إصدارات عبد القادر شاوي: التيهاء , كان وأخواتها, من قال أنا, دليل المدى
كان وأخواتها
كأنني لا أُعْرَفُ إلا بهذا الكتاب وحده الذي ما أنْ نَشَرْتُهُ في أواخر 1986 حتى سارعت الرقابة إلى مصادرته، كما كانت تصادر كل قول لا يليق بنظامها أو فعل لا يتوافق مع سياستها أو حركة لا تستقر على جمودها وتخلفها. ولم يكن كتابا في علم النحو ولا في نظام الإعراب… إلا إذا فهمنا من النحو ذلك القصد الذي انْتَوَيتُه كتابة لتعرية أساليب القمع التي سُلطت على جيل من المناضلين في سبيل التغيير، وألوان من العذابات والنِّكَال التي أصابت الذوات في عقولها وقلوبها وأعضائها بسبب ذلك
إنه كتابُ تجربةٍ حياتية في طور الاعتقال والألم إذن، ولعله « يؤرخ »، على نحو ما، لمعركة متواصلة في سبيل الحرية لم يسبق أن كانت الكتابة حولها حارة وصادقة ومباشرة وفي أتونها تماما… بمثل ما هي عليه فيه مِنْ ذاتية وَمُكَاشَفَة. وأضِيفُ إلى هذا إنه أيضا ألَمُ فئاتٍ عريضة من (اليسارالجديد) أيّامَهَا وهي تحلم بتحقيق الثورة المفترضة وَتُخَطِّطُ لتحقيق الحُلم
التيهاء
دليلي في هذا الكتاب مَكْشُوف: أعْنِي أنَّنِي كتَبْتُ ما كَتَبْت بدون تخطيط ولا ترتيب، ولم أكنْ أمام أسْبَقِيَّاتٍ تدعوني إلى الاختيار. دوافعِي غَامِضَة تماما، وأدْرِكُ أنَّ القارئ لَنْ يَلُومَنِي إذا ما قلتُ له تَخْصِيصاً: إنَّنِي كتَبْتُ ما كَتَبْت حِكَايَة لِنَفْسِي وَسَرْداً لِعُزْلَتِهَا في الكتابة. ولهذا وجدتُ نفسي في آخر الصَّفَحَات على اقْتِنَاعٍ تام بِمَا كان يَجِبُ أنْ يَكُون في أوَّلِ الصَّفَحَات-المُقَدِّمَة التي لم تُكْتَبْ أصْلا. مَفَادُ هذا الاقْتِنَاع، وَأَنَا أنْقُلَهُ عن Manuel Alberca (هذا أنَا ولسْتُ أنَا، أشْبِهُنِي ولكِنَّنِي لستُ أنَا، لَكِنْ حَذَارِ فَقَدْ أكُونُ أنَا).
كتب ابراهيم الخطيب عن كتاب التيهاء لعبد القادر الشاوي الصادر عن دار الفنك للنشر في أبر2021
يستعد عبد القادر الشاوي لإصدار كتاب جديد يحمل عنوان ( التيهاء ) ( بتسكين الياء ) أهداه لذكرى صديقنا الراحل محمد بويعلى ، الذي خصه الكاتب بفقرة مؤثرة . لا يتعلق الأمر بنص روائي أو نقدي أو تحليل سياسي ، وإنما هو مراودة لسجل كتابة يتراوح بين استرجاع ذكريات عن صدف الماضي ، أو الدنو من حيوات بعض الكتاب مع فحص منعرجاتها ، إلى جانب سبر خلفيات مواقف و لقاءات ، فضلا عن كشف سياقات بعض كتابات المؤلف المنشورة في مظان مختلفة ، أو البحث في أصداء وجدانية لرحلات قام بها ، هنا وهناك .
للكتاب نص افتتاحي ينفي الكاتب أن يكون مقدمة ، لكنه ، في المحصلة ، مراجعة لخلفيات الكتابة عن الماضي على وجه العموم ، حيث يتم التساؤل عن علاقة هذه الكتابة بالصدق والكذب ، في اقترانها بزمن التلفظ ، أي بالحاضر . بنية الكتاب عبارة عن فقرات مستقلة، بدون عناوين ولا أرقام فاصلة ، تفرق بينها فراغات ، لكن تراتبها غير قائم على نية كرونولوجية ، وهو ما يشي به تشتت تواريخ الوقائع المسرودة وعدم انتظامها .
يشكل الكتاب أيضا ، بتنوع مواده ، رحلة ذهاب وإياب في حياة عبد القادر الشاوي ومحطاتها البارزة ، تمتد من سنوات الطفولة في باب تازة ، مرورا بالدراسة في تطوان ثم الرباط ، قبل الانخراط في الحياة المهنية بالدار البيضاء ، والاقتراب من لفح السياسة ، مع الميل الذي لا رجعة فيه إلى الكتابة في شتى تجلياتها .
الكتاب هو أيضا إطلالة على دفتر علاقات الكاتب ، ولائحة صداقاته ، التي تتميز بغناها الجغرافي ، سواء داخل المغرب أو خارجه ، كما يمكن اعتباره تتمة أو إضافة لسرود ذكرياته وقراءاته كما تجلت في ( دليل العنفوان ) أو ( دليل المدى ) أو ( جوارات ) بجزئيه .
بقي أن أشير إلى أن عنوان ( التيهاء ) ذكرني بأن الشاوي كان يعتزم إطلاق عنوان شبيه به ، ( الخلطاء ) ، على كتاب ذكرياته (دليل المدى ) ، قبل أن يعدل عن ذلك لأسباب معينة .
ابراهيم الخطيب. 22/12/2020.
من قال أنا
حين تتحول التجرية المعاشة في ظرف خاص إلى معاناة جارحة، تصبح الحياة بالمعنى الأنطولوجي، ولو كانت قصيرة، مدی أرحب من الخيال يتسع لجميع الأوهام الفردية المستحيلة. وحين
تجعل الكتابة من الاستبطان الذاتي أسلوب قول يستفهم الوجدان ويخاطبه كذلك، تتحول تلك الأوهام في تجرية الحياة إلى أخرالحقائق الممكنة
ولذلك جعل المؤلف، في هذا الكتاب، من حياته الخاصة صورة مركبة لحقيقته المحتملة من خلال التداخل والتباعد اللذين افترضهما لكينونته في حالة كتابة تتراكب فيها المواقف الإنسانية
دليل المدى
.العودة من الحياة في مشتهى الحرية إلى جميع الاحتمالات التي كانت تهدد الوجود : الطريق إلى الاعتقال
في هذا الكتاب مرحلة ولت من الذكريات والصور التي صنعت مسارا متعرجا في خضم الحياة الذاتية والفكرية والسياسية لمؤلفها ولجيل كامل من السبعينيين. إنه عودة إلى المستقبل« الذي مازال في طور التشكل